اليسار الداخلي
اليمين الداخلي

الأربعاء 04 فبراير 2009 10:00 مساءً,

 

كتب :     

المشاهدات : 864

 
   

يقول جمهور العربي أن «الجمهور القدساوي لا يمكنه أن يوجه نقدا لفريقه ويصر بأنه الأفضل حتى لو احتل المركز الأخير ولا يرى في لاعبيه أي عيب بل يمكن أن يقارن بين كيتا وروبينيو». أما القدساوية فيصفون الجمهور اللدود بأنه «مايعرف كرة قدم ولا يقدر اللعبة الحلوة ويشجع فريقه غالب خسران وطول عمره يصيح شوت شوت على باله بلوشي للحين يلعب»، تلك العبارات التي أمامنا هي ما يعرف بالتعصب.
في اسبانيا رأسان هما ريال مدريد وبرشلونة وفي مصر الأهلي والزمالك وفي الكويت العربي والقادسية، أما في بقية دول العالم فالجمهور الكروي يتوزع على أكثر من رأسين. ففي انكلترا مثلا لا يمكن الجزم بأن ليفربول ومان يونايتد هما الأكثر شعبية فلا يجوز استبعاد جماهيرية أرسنال وتشلسي وبالمثل تسيطر فرق يوفنتوس وميلان وروما وانتر على الحياة الكروية في ايطاليا، لذا فان ميزة القطبين تنطبق على دول قليلة منها الكويت فرغم الانجازات الكبيرة لأندية الكويت وكاظمة والسالمية لكن هذه الشعبية لا يمكن مقارنتها بالفريقين الكبيرين. ويستطيع المرء تخيل الوضع في الملعب بين الجمهورين الا أن الأمر يدعو للفضول عندما تنقسم عائلة بأكملها ما بين قدساوي وعرباوي. يوسف وعبدالمحسن شقيقان من مواليد الستينيات الأول عرباوي والثاني قدساوي وجدهما عرباوي وأبوهما كذلك، أما العم الأصغر الذي يسكن في المنزل نفسه فهو قدساوي ومثله الشقيقان الصغيران أحمد وعلي أما عبدالكريم فيدعي أنه عرباوي لكنه لم يظهر ما يثبت اهتمامه بالكرة لأن ميوله بعيدة تماما عن الرياضة وقريبة جدا من الطيور والسيارات. وأشهر حضور لتلك العائلة هي لمباراة العربي والقادسية في موسم 1979/1980 والتي انتهت بفوز الأخضر 4-0 حيث ذهب الجد والأب ويوسف وعبدالمحسن وعمهم الأصغر وقبل دخول الستاد انقسموا الى فريقين فعلى يسار المنصة اتجه العرباوية فيما اتخذ العم الأصغر وعبدالمحسن من يمين المنصة مكانا لهما. مباراة ممتعة شهدت هدفا يصعب تكراره من قدم عبدالله بلوشي اليسرى بعد أن راوغ لاعبين وسدد بقوة من منتصف الملعب تقريبا لتسكن الكرة أصعب زاوية في مرمى مبارك حامد بعد أن ترنحت في الهواء كثيرا حتى أن الحارس لم يعرف الى أي اتجاه ستذهب، وعزز الفوز العرباوي محمد كرم واحمد خلف وعنبر سعيد وعندما انتهت المباراة تجمع «الاخوة الأعداء» في السيارة التي أعادتهم الى البيت. لم يكن سن يوسف وعبدالمحسن يتعدى 13 و11 سنة وقتذاك الا أن الثاني تمنى أن «يتوحد» بيوسف ليريه كيف يحتفل بتلك الطريقة الاستفزازية. والأب المنتشي بالفوز العريض للفريق الأخضر أبا ألا تمر المناسبة من دون الاحتفال بها لتكون الليلة الشتوية الباردة ممتدة الأفراح واقترح على أبيه «العود» المرور على مطعم ايراني للعائلة ونال المقترح استحسان «العود». ولم يكن غريبا أن يتناول الجميع الوجبة الايرانية الشهية باستثناء العم الأصغر وعبدالمحسن حتى أن أحمد وعلي القدساويين نسيا الهزيمة وانضما للعائلة في التهام الكباب. في منتصف الثمانينيات انقطع الجد والأب عن حضور مباريات القمة بين الكبيرين، لكن يوسف وعبدالمحسن ظلا على عادتهما في حضورهما ودرجا على الافتراق قبل المباراة والعودة معا بعدها، ولم تعكر النتائج صفو أجواء السيارة حيث حصل الأخ الكبير على اجازة القيادة حينئذ وكان سعيدا باصطحاب شقيقة الأصغر. وفي موسم 1988/1989 لعب العربي والقادسية مباراتهما في القسم الأول من الدوري وكان الفريقان في قمة عطائهما والجميع توقع مباراة نارية بينهما وكالعادة عزم يوسف وعبدالمحسن على حضور اللقاء الكبير الذي أقيم في يوم ربيعي صادف 28 فبراير 1988 وغص ستاد صباح السالم بالجماهير وكان الطرف العرباوي على موعد مع الابتسامة نهاية اللقاء. وانتظر يوسف شقيقه الذي تأخر في الوصول الى السيارة فذهب للبحث عنه لكنه لم يجده حتى لم يبق أحد في الملعب فازدادت حيرة الأخ الأكبر واختلطت فرحته بفوز العربي بقلق متزايد حتى هداه تفكيره الى الاتصال بالمنزل للاستفسار عن عبدالمحسن وفوجئ برد الأخير واستغرب وصوله البيت من ابلاغه فأجاب القدساوي البائس بأنه فضل الرجوع الى البيت بالتاكسي على أن يجلس بجانبه فالسيارة ليرى احتفاله بفوز العربي لأنه أدرك أن أعصابه لن تسعفه في ضبط الاستفزازات المتوقعة من يوسف الذي توعده بعد تفويت الموقف. وفي موسم 1989/1990 شهدت مسابقة كأس الأمير مباراة نهائية مثيرة ونادرة بين العربي والقادسية حيث لعب الفريقان بكامل نجومهما مثل فيصل الدخيل، مؤيد الحداد، حمد الصالح، محمد وناصر بنيان ووليد الفليج، الى جانب عبدالله بلوشي، سامي الحشاش، ماجد سلطان، أحمد عسكر، عبدالله منصور وعنبر سعيد. وامتلأت جنبات ستاد الصداقة والسلام الذي احتضن اللقاء بالجماهير وكان يوسف وعبدالمحسن ضمن 35 ألف متفرج زادوا من حرارة الأجواء واثارة اللقاء. وتقدم الأصفر بهدف سجله حمد الصالح في الدقيقة 15 وبعدها شن الأخضر هجوما متواصلا على خصمه ولم يهدأ كعادته في الاحتفاظ برباطة جأشه حتى الدقائق الأخيرة ونال مراده في تحقيق التعادل عن طريق عبدالله منصور بعد تمريرات منظمة بين ماجد سلطان وعبدالله بلوشي لتشتعل المدرجات الخضراء ولم يكد العرباوية ينتهون من معانقة بعضهم بعضاً حتى غمز سالم ميرزا كرة قاتلة منهيا فرحة المنافس اللدود ومعلنا فوز الأصفر بالكأس الغالية. بعد المباراة انتظر عبدالمحسن شقيقه الأكبر للعودة الى المنزل غير أن يوسف تأخر وبعد مرور نصف ساعة ظهر وعندما استفسر عبدالمحسن عن سر عدم حضوره بعد المباراة أجاب أنه لم يستطع النهوض بعد هدف ميرزا وعندما ضحك بوجهه انفجر يوسف باكيا بصوت عال ورفض الذهاب مع شقيقه الذي حاول اقناعه دون جدوى. وتكررت الأحداث وعاد يوسف بالتاكسي رافضا الركوب مع شقيقه وفي المنزل طلبت أم يوسف عدم نقل معاركهما الكروية من الملعب الى البيت والتحلي بالروح الرياضية وتقبل الهزيمة لأن تصرفاتهما تتعب نفسيتها باثارة قلقها عندما يذهبان معا ويرجع كل منهما من طريق مختلف. استمر التعصب الكروي في عائلة «بويوسف» في التسعينيات لكنه مات بعد الألفية الثالثة لأن «العيال كبرت» واللعبة انخفض مستواها وتراجع التعصب لدرجة أن يوسف يسأل عبدالمحسن كم انتهت مباراة العربي والقادسية أمس مع ابتسامة شفافة على وجه الطرفين. النهار
 



التعليقات

لا يوجد تعليقات


إضافة تعليق

 الاسم
 عنوان التعليق
 البريد الالكترونى

 التعليق

 كود التأكيد