تعد الخبرة من العوامل الاساسية التي تقف وراء ابداعات اللاعب ومهما كانت الامكانات التي يتمتع بها فهو يظل في حاجة ضرورية الى عامل الخبرة الذي لا يأتي الا من خلال الممارسة المستمرة للعبة والسعي للاستفادة من التجارب واللقاءات التي يخوضها اللاعب مع فريقه.
ويعتبر لاعب النادي العربي محمد جراغ من اكثر اللاعبين خبرة في الملاعب الكروية في الوقت الراهن ومن اللاعبين المقربين لدى الجماهير ويتمتع بشعبية واسعة لدى العرباوية الذين يتميزون عن غيرهم من الجماهير بانهم اذا ما عشقوا لاعبا لا يمكن يغيروا وجهة نظرهم به وهناك احداث عديدة تدلل على هذا الكلام، وبما ان جراغ من الركائز الاساسية للاخضر في ظل الحالة التي يعيشها في الاعوام الاخيرة من خلال غياب العناصر الفعالة والنجوم المتميزين الا انه يبدو مازال يتلاعب بمشاعر عشاق الاخضر وكأنه لم يستفد من تجاربه الكروية السابقة التي تتمثل في مشاركته سواء مع النادي او المنتخب وهذا يأتي على ضوء التصرف اللامسؤول الذي بدر منه تجاه مدافع فريق المبرة اللبناني في اللقاء الذي جمع الفريقين في كأس الاتحاد الاسيوي اول من امس بعدما قام بالاعتداء على الخصم دون اي مبرر اثر كرة مشتركة عندما قطع منه الكرة ليقوم «برفسه» ليتلقى جزاءه المناسب من قبل الحكم السوري عبدالرحمن راشو مقابل هذا التصرف الذي يندرج في خانة التهور واللامبالاة. فجراغ كان يرتدي شارة «الكابتن» ولونها أحمر يشاهدها كل من كان ماراً في الشارع المقابل لستاد صباح السالم وبعض الأحيان كان يعدلها وينهدم شكله وهو مرتدٍ تلك «الشارة» وكأن لسان حاله يقول «للجماهير شوفوا انا كابتن العربي» فما بدر من جراغ لا يمكن ان يأتي من لاعب كبير وصاحب خبرة ويعد في عيون العرباوية نجم هذا الزمان وانما يعكس عدم الشعور بالمسؤولية ولا اعتقد ان عذره بأن المباراة كانت مشحونة بل بالعكس كانت مجرياتها تسير من مصلحة الأخضر في ظل تقدمه وكما ان الخصم لم يكن بذلك الخصم الشرس والقوي الذي يمكن الخوف منه.
وبما ان جراغ قدم مستوى جيداً نوعاً ما عطفا على الحالة الفنية التي بدا عليها المبرة علاوة على انه سجل هدفا جميلا من أحد الاهداف الاربعة لكن كان يؤخذ عليه كثرة الانفعال وتوجيه اللوم والعتاب لزملائه اللاعبين في حال عدم وصول الكرات له.
وندرك تماماً ان هناك العديد من اللاعبين لديهم القدرة على خلق «كاريزما» معينة لنفسه في ناديه او لدى الشارع الرياضي بشكل عام وان كان لايمتلك المقومات الفنية والبدنية التي تؤهله على احتلال المكانة المميزة في صفوف النجوم القادرين على خدمة الفريق وتحقيق تطلعات الجماهير، ففي بعض الاحيان يبدو جراغ من تلك النوعية في ظل التذبذب الذي يمر به من الناحية الفنية، ففي كثير من الفترات يظهر بمستوى غير مستقر لدرجة انه يغيب عن المشاركة بداعي الاصابة او لمطالب احترافية استدعت في المواسم الماضية ارتفاع درجة انفعاله ليوجه الانتقادات اللاذعة الى مجلس الادارة الذي قابله بفرض عقوبة عليه لمدة موسمين ومن ثم رفعت عنه العقوبة. وبعدها واصل مسلسل العروض الاحترافية ليجد التعويض ما بين فترة وأخرى من الرئيس جمال الكاظمي الذي لم يبخل معه أو مع غيره في دعمه، ولذلك فان مسيرة جراغ الكروية التي قد تكون مميزة مع الأخضر دون المنتخب عليه ان يكون أكثر اللاعبين هدوءاً وضبطاً للأعصاب ولا يترك للانفعالات ان تأخذه للخروج مطروداً أمام الجماهير التي تعشقه وتهتف باسمه كلما اشتدت المواقف.
وندرك جداً ان جراغ يقدر هذا الوفاء لأنه دون هذه القاعدة الجماهيرية لم يصل الى ما وصل اليه من سمعة وضعته في مصاف المحاربين القدامى من نجوم الأخضر الذين مازالت سمعتهم تسبقهم بحكم أفعالهم المشرفة وأمجادهم التي تدعو للفخر.
النهار
|