لن يتخيل احد أن فريقا مثل العربي صاحب السمعة الكبيرة والسجل الزاهر والحافل بعدد البطولات على الصعيد الكروي يكون بعيدا عن منصة التتويج بلقب الدوري العام طوال المواسم التسعة الماضية ولم يتوقف الامر عند ذلك بل شهد ترتيبه في المواسم الخمسة الاخيرة تراجعا مخيفا.
ففي موسمي 2004/2005 و2005/2006 حل رابعا وفي موسم 2006/2007 تراجع الى المركز السادس وكان على وشك الهبوط الى الدرجة الاولى متنافسا مع التضامن وفي موسم 2007/2008 عاد الى المركز الرابع وفي الموسم الحالي 2008/2009 جاء خامسا.
وهذا التراجع والاحتفاظ بالمراكز المتأخرة ليست طموحات الجماهير العرباوية التي تصبو دائما وتتطلع الى لقب بطل الدوري وهذا ما تبرهنه خزانة النادي التي تزخر بـ 16 لقباً في تاريخ البطولة بجانب الالقاب الاخرى التي جعلته يتفوق على منافسيه من ناحية العدد الكبير من الكوؤوس والالقاب التي جعلت ودفعت بالجماهير لكي تطلق عليه لقب «الزعيم».
ومَنْ يتبوأ الزعامة لابد ان يكون جديراً بهذه الصفة أو اللقب لأنها لم تأتِ من فراغ وانما نالها الأخضر على خلفية التفوق البطولي الذي يتميز به عن جميع الأندية منذ ان رأى النور ككيان رسمي منذ عام 1961.
فهو دائماً ما يكون السبّاق في تحقيق الأرقام الأولية في البطولات والمشاركات.
والأهم من ذلك ان الأخضر تميز عن الآخرين بالروح القتالية والنفس الطويل.
فمنذ سنوات عديدة كان اللاعب العرباوي ومن يدافع عن اللون الأخضر ذو طاقة هائلة وغطاء لا حدود له والأحداث التي تثبت ذلك عديدة لا يمكن ان نحصرها بمثل أو حادثة معينة، فالتاريخ لا يمكن ان يتجاهل أو يلغي السيرة العرباوية المميزة في هذا الجانب.
إلا أن الماكينة العرباوية بدأ العطل يصيبها على ما يبدو، وكما ان هناك عدداً من اللاعبين ومن يرتدون الفانلة الخضراء يجهلون وربما لا يعرفون ما المطلوب ممن ينتسب لهذه القلعة الكبيرة.
وقد يتحمل المسؤولية في هذا الجانب بعض المسؤولين ومن بيدهم القرار الذين اغفلوا هذا العامل ولم يعملوا على ترسيخ هذه المبادئ والنهج في نفوس بعض اللاعبين الذين لا هدف ولا غاية لهم سوى اللعب وممارسة هوايتهم وقضاء وقت فراغهم والحصول على المكافأة المالية سواء التي تقدم من الإدارة كتحفيز أو بفعل قانون الاحتراف الجزئي في الموسمين الماضيين، وبالتالي ان نوعية اللاعبين الذين يرتدون الفانلة الخضراء اختلفت عما كانت عليه في السابق عندما كان اللاعب العرباوي يخلق الرعب في نفوس خصمه وهمهم الأول والأخير ان يبقى اللون الأخضر طاغياً على الجميع.
وان شهد الأخضر حالة مماثلة من التراجع في حقبة السبعينيات والتي اطلق عليها السنوات العشر العجاف التي غاب عنها الفريق عن منصات التتويج حتى عاد ليعانق الدوري العام في موسم 79/80 بفارق نقطة واحدة عن القادسية وعلى الرغم من غيابه عن منصات التتويج الا انه لم تصل الحال لدى اللاعب العرباوي لمثل ما وصلت اليه الآن من اللامبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية بل كانت هناك اجتهادات ومحاولات وصراع ذاتي من قبل اللاعبين على أقل تقدير بأن يظهروا بالمظهر اللائق.
ولاشك أن وجود الأسس والأجواء المناسبة هي التي ساهمت انذاك في بناء فريق أخضر في حقبة الثمانينيات يخلق الرعب في قلوب منافسيه ويكتسح البطولات ويحصد لقب الدوري العام 7 مرات، ويعد رقماً قياسياً من الصعب ان يحققه فريق آخر.
ومن محاسن الصدف ان يكون المدرب أحمد خلف الذي يشرف على تدريب الفريق أحد الشهود على هذا الانجاز لمساهمته في صناعة بعض الالقاب مع زملائه، ومن ثم انه سعى جاهدا وحاول اصلاح الاعوجاج، وفي كثير من الاحيان كان يعيد شريط الذكريات الجميل الذي عاشه أملا ان يخدمه في ايجاد الحلول للحالة التي وصل اليها الأخضر، الا انه عجز عن الوصول لعلاج الوضع مع انه يعرف جيدا انه يمكن أن يقع الخطأ في عدد من اللاعبين، لان اللاعب يبقى في يده الحل وفي امكانه أن يحقق رغبات المدرب وخططه الا انه اذا ما وجد لاعباً عاجزاً لا يحمل الصفات والمقومات التي تساعده على تنفيذ ما يطلبه منه المدرب فانه من الطبيعي ان يكون هناك انعكاس سلبي على الفريق، وهذا ما عانى منه أحمد خلف، فهو كثيرا ما عمل على اجراء عمليات ترقيع وسعى لسد خانة في الدفاع وثغرة في الوسط وعجز في الهجوم.
وقد ناله الكثير من الانتقادات التي كانت تطرح في الخفاء الا انها بدت على السطح علانية في الايام الاخيرة وكلها تطالب بابعاده ومنحه فرصة أخيرة في البطولات الثلاث المتبقية، كأس الأمير وكأس ولي العهد وكأس الاتحاد الآسيوي.
والأخضر، هذا الكيان العريق يحتاج الى العقلانية في التعاطي والتعامل مع الحالة التي يشكو منها بعيدا عن الاستفزازات والانفعالات وتحديدا من مجلس الادارة برئاسة جمال الكاظمي لابد ان يسمي الاشياء بمسمياتها ويمنح صاحب الاختصاص حقه في اتخاذ ما يراه مناسبا، خصوصا المدرب أحمد خلف الذي عليه ان يمنح العناصر الشابة فرصة المشاركة وأن يحسن اختيار اللاعب المحترف، وهذه مجرد ملاحظات بديهية وانما ما خفي أعظم وفقا للقول الدارج «المعنى ببطن الشاعر»!
النهار
|