تابعنا تلك المقابلة التي اجراها برنامج ملعب «الوطن» ليلة الخميس الماضي مع الرياضي المحنك عبدالرزاق المضف امين السر لمجلس ادارة النادي العربي الشرعي والتي كانت تجسيدا واضحا للفرق بين من يملكون الثقافة الرياضية الاصيلة والنابعة عن خبرة وممارسة وتجارب طويلة في هذا الحقل مثل المضف وغيره من ابناء الوطن، وبين اولئك المدعين والدخلاء الذين استغلوا الوسط الرياضي للوصول الى مآرب واهداف اخرى وما أكثرهم هذه الايام.
تابعنا تلك المقابلة.. واعجبنا فيها الكثير من الادلة والبراهين القانونية الموثقة التي قدمها ضيفنا الكريم ليكشف للشارع الرياضي واهل الكويت الكثير من مكامن الخلل «واوجه الخطأ في القرارات التي اتخذتها الهيئة العامة للشباب والرياضة في الآونة الاخيرة ولكن ما لفت انتباهنا اكثر ونعتقد انه يستحق التركيز فيه والبحث في تداعياته وآثاره ومدلولاته هو تلك الاحصائية الرقمية الدقيقة التي قدمها المضف عن عدد المرات التي ذكر فيها اسم الوزارة المختصة او الهيئة العامة للشباب والرياضة في لوائح الانظمة الاساسية للاندية الرياضية، فهي بحد ذاتها معلومة جديدة وقيمة قدمها المضف لأهل الكويت ويستحق الاهتمام والبحث في تفاصيلها عندما قال ان النظام الاساسي الاول الذي اعدته وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للاندية الرياضية بعد صدور المرسوم بالقانون رقم 42 لسنة 1978 تضمن ذكر الوزارة المختصة كجهاز رقابي واشرافي 6 مرات فقط، ثم ارتفع العدد في النظام الاساسي الذي اعدته الهيئة العامة للشباب والرياضة بعد انتقال صلاحيات الوزير والوزارة المختصة لمجلس ادارتها وهيكلها الاداري وفقا لمرسوم انشائها رقم 43 لسنة 1992 الى 29 مرة، ثم ارتفع العدد مجددا بعد صدور القانون رقم 5 لسنة 2007 الى 43 مرة، وهو دون شك ارتفاع متصاعد ومخيف يجب ان يدفعنا للبحث في آثاره ومدلولاته.
فالاستاذ عبدالرزاق كما يطلق عليه ابناؤه في النادي العربي اجاب في هذه الاحصائية الرقمية الدقيقة بطريقة مباشرة وواضحة على اولئك الذين يحاولون تضليل الشارع الرياضي وخداعه حين يروجون لفكرة ان القوانين الرياضية موجودة منذ امد بعيد وتحديدا منذ اكثر من 30 سنة (1978) فلماذا تحركت اللجنة الاولمبية الدولية ومعظم الاتحادات العالمية الآن لتطالب بتعديل هذه الاوضاع في الكويت لمخالفتها للقوانين الدولية.
وان كنا دائما ندحض مثل هذه الادعاءات والمزاعم ومحاولات التضليل من خلال التذكير بان المجتمع الرياضي الدولي بات ينظر للرياضة بعين مختلفة عن تلك التي كان ينظر بها في السبعينيات والثمانينيات وربما التسعينيات، وان هذا المجتمع بات يحرص اكثر من اي وقت مضى على استقلالية هذا القطاع الحيوي عن أية تدخلات خارجية حكومية كانت ام غيرها، وان هذا المجتمع طور لوائحه وقواعده وقوانينه لتتواءم مع اهدافه النبيلة، فإن الاستاذ عبدالرزاق قدم لنا اليوم معلومة جديدة وقيمة يمكن الاستشهاد بها على تأكيد حقيقة ان الاوضاع الرياضية في الكويت لم تعد كما كانت في السابق.. رغم ان القوانين الرياضية وبالاخص 1978/42 الذي يعد الاساس ظل كما هو دون ان تطرأ عليه اية تغييرات.
احصائية الاستاذ عبدالرزاق تدل بصورة قاطعة على ان الجهات الحكومية كسلطة تراقب وتشرف على الرياضة الكويتية في الثلاثين سنة الاخيرة من القرن الماضي، حرصت على التعامل بروح القانون اكثر من نصوصه ولذلك فانها لم تشر لنفسها في النظام الاساسي الا في ستة مواقع مما يعني ان هذه الجهات الحكومية أتاحت مساحة اكبر من الحرية امام الاندية لاتخاذ القرار والابتكار والابداع بعيدا عن التدخل الحكومي المباشر، في حين ان هذا الوجود الحكومي في الانظمة الاساسية الحالية والتي وصلت الى 43 مرة من اصل 63 مادة تتضمنها هذه الانظمة ليست الا دليلاً على ان المؤسسات الحكومية المسؤولة عن الرياضة انتقلت بصورة سلبية من التعامل بروح القانون الى التعسف باستخدام السلطة او القانون كما هو الحال حاليا، فالهيئة العامة للشباب والرياضة وخصوصا بعد اقرار القانون رقم 5 لسنة 2007، وبسبب التدخلات والضغوطات النيابية السافرة والصارخة والسلبية اصبحت هي التي تدير الاندية والاتحادات واللجنة الاولمبية بأسلوب اقل ما يقال عنه انه ينسف مبادئ دولة المؤسسات.. واستقلالية القطاع الاهلي وغيره من قطاعات يفترض ان تكون هي الاساس في اي تطور لأي مجتمع.. او هكذا علمنا حماة الدستور والمدافعون عن الحريات والديموقراطيات.
المفارقة في مدلولات ما قاله الاستاذ عبدالرزاق ان الكويت التي تتمتع بالدستور.. وبمؤسسات قانونية دستورية.. وبسقف عال من الحريات والديموقراطية اصحبت الحكومة فيها ممثلة بالهيئة العامة للشباب والرياضة تتعامل مع الرياضة الكويتية بعقلية الانظمة الشمولية والدكتاتورية البائدة والزائلة وهو بحد ذاته امر من شأنه ان يدفع للتشاؤم بشأن مستقبل الاجيال، ولذلك فإننا بتنا نؤمن الآن اكثر من اي وقت مضى بضرورة تعديل القوانين الرياضية لتتوافق مع المبادئ والقواعد الدولية والاولمبية على الاقل لكي نضمن ان اجيالنا المقبلة لن تتعرض لمثل ما تعرضنا له وعانيناه على مدى سنوات ثلاث مضت من العمر بسبب طموحات سياسية بالسيطرة والاستحواذ على القرار في القطاع الرياضي الكويتي، ولكي يكون هذا القطاع المناضل من اجل الحفاظ على حقوقه نموذجا يحتذى به من بقية قطاعات المجتمع.
صلاح حيدر
الوطن
-------------------------
للأسف أن يسقط قناع القسم الرياضي في الوطن هذه السقطة الواضحة، فبالأمس القريب ذات الكاتب ينتقد سياسة المجلس المنحل إنتقاداً لاسعاً بعد الاجتماع الوهمي الذي أقاموه مع الأندية في المنصورية، واليوم نجد ذات الكاتب يطبل ويهلهل لذا المجلس ويصفه بالشرعي والعائد .. الخ، فقط لأن هذا المجلس أعلن إنسلاخه من أندية المعايير وإنضمامه لأندية التكتل، وبالإضافة لأنه هاجم الهيئة العامة للشباب والرياضة، ما يحز بالنفس هو أن هذا الكاتب من أبناء النادي العربي، وما يؤلم بأن أبن النادي العربي بات لا يهمه شيء سوى صراع التكتل والمعايير والهيئة ولجنة الشباب والرياضة، حتى لو كان ذلك على مصلحة ناديه، والذي عانى الأمرين مع هذا المجلس الذي قطع أوصال القلعة الخضراء من كافة الأصعدة.
|