يتفق الجميع على اختلاف مشاربهم وثقافاتهم على ان الاحتراف لغة راقية وحضارية من شأنها تطوير الاداء ورفع قيمته. وهذا ينطبق على شتى مناحي الحياة، والرياضة عامة وكرة القدم خاصة، وهي اللعبة الشعبية الاولى في العالم، ليست بمنأى عن ذلك، فلا عجب ان طبق الاحتراف الكروي في مدارس الكرة المتقدمة، كالبرازيل والارجنتين، وفي اميركا الجنوبية وانكلترا والمانيا وايطاليا واسبانيا في اوروبا، وغيرهم كثيرون، مما اتاح لهم مساحة عريضة من النجاح والتطوير والتألق في هذا المجال تحديدا، وحصدهم للبطولات القارية والمحلية خير شاهد على ذلك، ولم يكتفوا بذلك بل استعانوا بمحترفين مميزين من دول اخرى بغية التقدم اكثر فأكثر. ورغم ان الاحتراف في الوطن العربي عموما قد جاء متأخرا جدا، لكنه في واقع الحال افضل بكثير مما يحدث عندنا محليا، وبعد معاناة ومخاض عسير ظهر على الافق ما يسمى الاحتراف الجزئي كمرحلة اولية للاحتراف الكلي، ورغم تحفظنا الشديد على ذلك، فقد قبلنا به بحلوه ومره.. وهذا ليس هو بيت القصيد. نحن نتحدث هنا عن المحترفين الذين تستعين بهم الاندية في استحقاقاتها، سواء المحلية او القارية، حيث تم تعديل قانون الاستعانة بهم اكثر من مرة، ورغم ان العدد الذي سمح له بالمشاركة في سبعينات القرن الماضي لم يتعد محترفا واحدا فقط، لكنهم قد تركوا بصمة لا تنسى وساهموا بشكل فاعل ومؤثر في تطوير الكرة الكويتية، ولا ينكر ذلك الا جاحد او جاهل، فمن منا لا يتذكر تأثير اللاعب الكبير حسن شحاتة مع كاظمة، او طه بصري او سمير محمد علي مع العربي، او عمر النور مع الكويت، حميد أستيلي مع القادسية، وغيرهم كثيرون. وباجراء مقارنة بسيطة في الماضي، وعن محترفي اليوم نجد ان العبرة في الكيف وليس الكم.. اليوم تستعين الاندية بثلاثة او اربعة، لكنهم لا يقدمون شيئا يذكر، ولم ينجحوا في خلق الفارق او ترجيح كفة فرقهم في المناسبات الكبيرة، وبنظرة سريعة عن عددهم الذي ناهز الأربعين محترفا جاءوا من شتى أصقاع الكرة الأرضية، لكن قلة منهم ساهمت في تقدم أداء فرقهم أو تطور الكرة الكويتية، ولا عجب أن نرى مسلسل الاستغناء عنهم في منتصف كل موسم يتكرر باستمرار، ويستعان بغيرهم، ما يدل على تواضع أدائهم وسوء اختيارهم، وخير مصداقية على ما ذهبنا إليه أن العربي مثلا قد جرب تسعة محترفين طوال الموسم، لكنه استغنى عن معظمهم، وفي منتصف الموسم نجح في التعاقد مع المغربي عبدالمجيد الدين الجيلاني الذي تألق مع «الأخضر» وساهم بشكل فاعل في حصوله على المركز الثالث في الدوري وحفظ ماء وجهه، وحل وصيفا للهدافين بعد السوري فراس الخطيب رغم مشاركته المتأخرة مع فريقه. أما أوضح وأجلّ مثال، فيتمثل في كرة كاظمة، فالبرتقالي استعان بأربعة محترفين، ولكنه وجد نفسه تائها بمعظمهم، فاتخذ مجلس الإدارة بالتعاون مع الجهاز الفني قرارا جريئا يحسب له بالاستغناء عن ثلاثة منهم والاكتفاء بالمدافع البرازيلي ساندرو ونجح البرتقالي في سياسته وتمكّن من الظفر بكأس سمو الأمير بعد انتظار طال 13 عاما.
التهرّب من مسؤولية الاختيار
ان المشكلة التي تعاني منها أنديتنا في معظم الألعاب تتمثل في الآلية التي يتم فيها اختيار هؤلاء المحترفين، فهم يعتمدون في كثير من الأحيان على المتعهد الذي وجد في هوس وشغف الجماهير باللعبة مغنما لمصالحه الشخصية، أضف الى ذلك تواضع مستوى الجهاز الفني، وتهرب بعضهم من مسؤولية الاختيار حتى يكون بمنأى عن المحاسبة، لأنه يعلم ان اختيارهم جزء لا يتجزأ من عمله الفني، وبصراحة تامة وبشفافية فإن السواد الأعظم من أنديتنا تعتمد على الجهاز الإداري في اختيار نوعية هؤلاء المحترفين بل ورفع بعضهم سقف ذلك في تحديد المراكز التي يحتاج إليها الفريق للموسم المقبل، رغم انه من صميم ومن أبجديات عمل المدرب، وكثيرا ما أدى الى احتكاك بين عناصر الفريق ومحترفيه، أو بين الجهاز الفني من جهة والجهاز الإداري من جهة أخرى، فيحاول كل واحد منهما إلقاء الكرة في ملعب الآخر.
تصنيف المحترفين
وبنظرة فنية على مستوى المحترفين في الاندية المحلية في الدوري نجد انهم ثلاثة اقسام: جيد، متوسط، ضعيف، حتى ان المبالغ التي دفعت من اجل التعاقد معهم مبالغ بعضها يثير الاستفهام، والسؤال الذي يطرح نفسه كيف لناد يصرف على محترفيه مبلغ يتجاوز ثلاثة ملايين دولار؟، فيما تدفع اندية اخرى مبلغ لا تتجاوز 20 ألف دولار للمحترف الواحد، ما يشير الى عدم وجود توازن او تكافؤ فرص بين الجميع، وهذا انعكس سلباً على مستوى منافسات الدوري، فأصبح المنافس على الدوري معروفاً منذ مواسم خلت، كما تأثر بالسلب منتخبنا الوطني لعدم استفادة اللاعبين المحليين من خبرات المحترفين.
9 لاعبين للعربي
استعان القادسية بطل الدوري بثلاثة محترفين: وهم السوريان فراس الخطيب، وجهاد الحسين، والمغربي عصام عدوة، وظهر السوريان بمستوى لا بأس به، ولكن ليس على مستوى الطموح، شاركهما في ذلك العدوة، الذي برز على فترات من الموسم. اما كاظمة بطل كأس سمو امير البلاد فتعاقد مع اربعة هم: اوبينا، الكسندر، محمد جمال، وساندور، وتخلى عنهم جميعاً منتصف الموسم، وابقى على المدافع البرازيلي ساندرو لتألقه وروحه القتالية، ونجح «البرتقالي» في الظفر بالكأس الغالية، فيما استعان الكويت بطل كأس ولي العهد ووصيف الدوري، وكأس الأمير بخمسة لاعبين استغنى عن أربعة هم: العماني اسماعيل العجمي، الكاميروني دانيال، الاردني حسين عبدالفتاح، والبرازيلي كاريكا، فيما جدد التعاقد مع البرازيلي روجيرو لخمسة مواسم في قرار جريء، يدل على اهمية اللاعب، وحاجة الفريق اليه. اما العربي فيسجل له انه صاحب الرقم القياسي في التعاقد مع المحترفين، لدرجة انه قضى الموسم كله في امرين الاستغناء عن محترفين، وتجربة أخرى أو التعاقد معهم، بل وكان مادة دسمة للاعلاميين في هذا المجال تحديدا، وذلك يدل على تخبط واضح وسوء إدارة، ولم يكتف بهذا وذاك، بل قام بتغيير مدربه البرازيلي بالوطني فوزي ابراهيم، والغريب انه استغنى عن ثمانية منهم فيما جدد للمغربي عبدالمجيد الديين الجيلاني بعد ظهوره بمستوى لافت وضعته وصيفا لهدافي الدوري. والمحترفون الآخرون هم: ولاس، فابيو سانتوس، لينلسون، لويس كارولس، انطونيو دلاس، الكسندر ليناسون، جوني لاندرينيو، ولويزينهو فيرنانديز. أما السالمية الذي كان قريبا من الهبوط إلى الدرجة الأولى، ونجح مدربه الوطني في الامتار الاخيرة من انقاذ «السماوي»، فلعب له أربعة محترفين: الصربيان أليكس وزوران، الهولندي سيلفانو، والمغربي محمد عبو، فقد تم الاستغناء عنهم جميعا لتواضع مستواهم، وعدم حاجة الفريق إليهم. واستعان الجهراء الذي حل خامسا في الدوري الممتاز، فلعب له أربعة محترفين: اندريه ماكينغا، ايدنستو باولو، سيلنا دوغلاس، وجيس جون، واستفاد الجهراء جيدا من خبرة وتفوق ماكنيغا فجدد له، وينتظر التجديد للبحريني جيسي جون، واستغنى عن الآخيرين. ولم يكن حال النصر بأفضل من سابقه، فلعب له محترفان، العماني عصام فايل، والسوري محمد زينو، ولم يقدما ما يشفع لهما، وظهرا بمستوى متواضع، وساهما في تدني مستوى النصر بشكل واضح، فتم الاستغناء عنهما في خطوة مقروءة، أما الساحل الذي هبط إلى الدرجة الأولى مباشرة، فاستعان بالمحترفين أدوغفي بيتو ودانيال، ولم يتركا بصمة فتم الاستغناء عنهما.
|