لا أحد يشك في أن الرياضة أصبحت التعبير عن وجه البلدان الحضاري، ومدى تقدمها، ويقاس تطور الدول في مجال الرياضات التنافسية والفردية (الصحية)، التي ترتبط مباشرة باختصاصات ومجالات عدة، كالعلوم الطبية والاجتماعية، ولها ارتباط وثيق بارتفاع معدل الصحة العامة.
الحرب ضد المخلصين
في المقابل، لو سحبت الرياضة ومؤسساتها الى حلبة التنافس والصراع السياسي، فإن ذلك سينعكس بشكل سلبي على الشباب، ويضيع عليهم فرصا كثيرة لتطويرهم، وبدلا من أن تكون الدولة الحاضنة التي ترعاهم وتبعدهم من الانجرار نحو المسارات المنحرفة والخطيرة كالمخدرات، وخلق وضع رياضي سليم ونقي، فإن فرص استيعابهم ستنحسر تدريجيا. علاوة على ذلك، ان من يعمل في اتجاه جذب الشباب الى الرياضة وإبعادهم عن هدر أوقاتهم بالاهتمامات غير المفيدة (فضلا عن المضرة جدا)، يواجه الطعنات من كل جانب ويحارب في مختلف الاتجاهات.
دور الأندية السلبي
كما أن الأندية لا تحمل أهداف الثقافة الرياضية والاجتماعية، بل تحولت الى موقع للصراع، وكأنها ملك شخصي لمن أوكل بمهمة إدارتها ليس أكثر.
لقد غاب دور الأندية وتأثيرها في الشباب، ودليل على ذلك، تسجيل آلاف من أعضائها، ليس لهم علاقة بالرياضة لا من بعيد ولا من قريب.
كيف يمكن تصديق أن هناك أكثر من 100 ألف عضو في النوادي (لنأخذ نسبة عدد الأندية على سكان البلاد) في غضون سنتين؟
ان هذا يعد مؤشرا خطيرا، فهؤلاء ليسوا برياضيين، وتسجيلهم حبر على ورق في النوادي لأسباب انتخابية، وكأدوات في صراع طرف ضد آخر.
ومؤشر خطير آخر، هو أن النوادي صارت وسيلة لتقسيم المجتمع بدلا من توحيده، وتميزت بالفرز على أساس: قبلي - طائفي، فهل هذه سياسة الحكومة؟ وهل تقبل مثل هذا الواقع المؤلم وانعكاساته المدمرة؟
ما العمل؟
كما يحصل في العالم، ولكي لا نحشر الدولة في صراعات الأندية، من الممكن خصخصتها لكي تنزع مع هذا الإجراء فتيل الأزمات المستمرة، وينتهي الصرف عليها من ميزانية الحكومة بشكل غير محدود، كما سيؤدي ذلك الى اختفاء مراكز النفوذ والقوى. وعلى الحكومة، ممثلة بالهيئة العامة للرياضة والشباب، أن تخطو بلا تردد في هذا الاتجاه، وانهاء «الحالة الاشتراكية» في رياضتنا، رغم ان هذا الاقتراح سيلاقي معارضة كثير من المستفيدين والكسالى الذين يعيشون على ميزانية الدولة.
وزارة الرياضة
ومطلوب أيضا، أسوة بباقي بلدان العالم، أن يكون لدينا وزارة للرياضة والشباب، أو مجلس أعلى للرياضة، حتى يتسنى للمسؤول عن الرياضة المشاركة في القرار. فنحن الآن نعيش وضعا غريبا وفريدا، وأكل عليه الدهر وشرب، وهو أن وزارة الشؤون هي الوسيط بين الهيئة العامة للرياضة والشباب والحكومة، فلماذا هذه الحلقة الزائدة؟ فالشؤون لديها مسؤوليات كبيرة تكفيها.
ان الرياضة والشباب بما لها من ارتباط مباشر بالمجتمع، تستحق أن يكون لها وزارة مستقلة بقرارها ومؤسساتها، وتحتاج إلى من يمثلها داخل الحكومة.