لم تترك مكانا لم تطبع فيه أثرا أيها «الراحل السعيد»، وفي هذه الصورة التي التقطتها مجلة «الصقر» القطرية عام 1984، وعلقت عليها بالتالي «حارس مرمى الكويت سمير سعيد ضرب مثلا جديدا للخلق الرياضي السليم الذي ينبغي أن يسود بين الرياضيين»، أثر بالغ لـ «سيد الحراس» على اخلاق كرة القدم. في الصورة (الى الاسفل) يحمل سمير، رحمه الله، مهاجم قطر منصور مفتاح لنقله خارج الملعب لتلقي العلاج في مباراة رسمية وتظهر المعاناة من الألم على وجه مفتاح بينما يختصر الراحل المسافات والزمن بحمل مهاجم قطر الشهير لانه يعلم أن انتظار الجهاز الطبي والنقالة ربما يستغرق وقتا طويلا، وظروف المباراة انذاك لم تكن ملحة لعدم اضاعة الوقت بل أراد سمير الاسراع في اسعاف مفتاح فقط، لذلك نال الاعجاب في تلك المباراة بل انه حظي بالتقدير لان معظم اللاعبين لا تسعفهم عقولهم للتصرف بحكمة اثناء المباريات. سمير في تلك المباراة لم يتجاوز عمره الـ21 عاما، غير أنك تجد نفسك في مواجهة حكيم بلغ أشده، انها اقل من 49 عاما، اغلبها احداث تستحق السرد، وهذا ما يقال عنه ان جزء من التاريخ هو سير ذاتية للعظماء، ولا يسعك أمام الصورة الا التوقف وانتزاع المفردات من خلايا دماغك الايسر لتقول بصعوبة يا لشهامة ذلك الشاب الانيق يا لرجولة هذا الحارس المهذب يالقوة هذا الرجل الشهم. ربما شاهد الجمهور منظر سمير ينزف دما أسفل فكه أمام القادسية وأكملها بشجاعة ويمكن للمتابعين تذكر استبساله في وحل ستاد سنغافورة، وتبحث طوال عملك الاعلامي عن شخصيات تسهل عليك المهمة ولا تجد احدا، بل ان المهمة، محلياً على وجه الخصوص، تبدو اصعب كثيرا، فمن تواجهه اما ان يختم اللقاء بالقول لا تكتب هذا أو انه لا يمتلك قدرة فن الحديث، أما سمير فيسهل عليك العمل معه، فكلامه موزون واسلوبه رزين وهدفه واضح وينهك عقلك بثقافته اما العنوان (المانشيت) فبالطبع تجده جاهزا في حديثه رحمه الله. أكبر المعضلات التي تواجه الأعلامي (مصوراً كان او محرراً) هي نقل ما يجول في فؤاده على الورق بدقة، لكن هيهات وصف ما يكن الصدر لاسطورة حراس المرمى فالعقل واليد لا يعملان بتناغم في هكذا ظروف، لذلك نطلب منه أن «يبرينا الذمة» فيما نكتب عنه لأننا حقيقة نختزل كثيرا من مآثره، ويكفي ان يتحدث له الزميل مرزوق العجمي فيقول له: «اذا زعلان تعال اشرب شربت (فيمتو) ونتفاهم». ويرد عليه العجمي: «الوالدة توصي عليك ولا أنا بطقكك بزاوية»، فيجيب رحمه الله: الوالدة تعرف الرياييل». رحمة الله عليك ايها الطيب... رحمة الله عليك سمير سعيد.
|