لن أكتب هذا المقال بحقه بسبب العلاقة المتينة التي تربطني بسمير سعيد، ولا لكوني نجل أحد مؤسسي النادي العربي الحاج عباس جوهر حيات الأخ والصديق لوالد الفقيد وهو الحاج (سعيد حجي) رحمه الله رحمةً واسعة، ولا بسبب العلاقة الاجتماعية التاريخية التي تجمع بين أسرتينا، بل أكتب هذا المقال كنوع من الواجب الوطني مني تجاه المخلصين والأوفياء والمبدعين من أبناء وطني الذين يعطون ويقدمون كل مابوسعهم لهذا الوطن الذي أعطاهم وقدم لهم الكثير. لم يُكرم بمباراة اعتزال وهو الذي أكرم الجماهير بدفاعه عن العرين، ولم يعشق الظهور الإعلامي وهو النجم الذي يضيء المؤسسة الإعلامية بنور ظهوره، ولم يكن طامعاً بالمناصب الرياضية وهو الذي تطمع بوجوده المناصب، ولم يعشق الصدام والاختلاف والعِند في الحقل الرياضي وهو الشخص الذي ينعم بالموالاة والمخلصين والمحبين والمقتنعين بآرائه الرياضية. لن يحتاج هذا الإنسان أن أُسطر إنجازاته في حياته فعشاقه وعشاق إبداعاته كُثر، ولن يحتاج أن أُسطر صفاته فمحبوه لم تجف دمعتهم بعد على فقدانه وفقدان صفاته النادرة والرائعة التي اجتمعت به. رزقه الله الجمال والبنية الجسمانية والموهبة الرياضية والمال والعقل الناضج، ورزقه الله بنعمة تساوي وتضاهي كل نعم الكون وهي (محبة البشر)، فزيارة الناس لهُ لمدة 4 أيام بمستشفى العدان على مدار الساعة ليطمئنوا على وضعه الصحي بعد الحادث الذي تعرض له مساء الخميس الماضي، ومئات الأفراد الذين تبرعوا له بدمائهم، والأعداد الكبيرة التي حضرت لغسل جثمانه حتى أولى ساعات فجر يوم الاثنين، والأعداد الضخمة والمهولة التي أصرت على المشاركة بتشييع جنازته من كافة أطياف المجتمع الكويت، ماهو إلا دليل قاطع أمام عيني على إتمام هذه النعمة التي خصهُ الرازق بها وبالصالحين والمخلصين. لم نفقد حامي عرين النادي العربي والمنتخب الوطني سابقاً، ولا نائب رئيس مجلس إدارة القلعة الخضراء السابق، ولم نخسر حارس القرن للقارة الصفراء، ولم نفقد رجلا صاحب أيادي بيضاء ورجل أعمال واقتصاد ناجح، ولم نفقد أخا حنونا وصديق وفيا وإنساناً خدوم ومتواضع، بل فقدنا (مواطناً صالح ومخلصاً ومجتهداً ومبدع) نحتاج العديد منه اليوم لتنمية ونهضة وتقدم هذا الوطن، وفقدنا (مواطناً قام بتمثيل أبناء وطنه كافة دون تمييز وتعصب وإقصاء وتطاؤف وعنصرية) فأصبحنا نحتاج العديد منه اليوم لتطهير البلد من هذه الأمراض والأوبئة الفتاكة التي شتت بين أبناء هذا الوطن الواحد، وفقدنا شخصا أبكى الشعب الكويتي (فرحاً وحزناً)، ولكن هؤلاء هم الأبطال والمميزون والمبدعون تَرحل عنا أجسادهم وتبقى بيننا أفعالهم وأعمالهم وابداعاتهم. في وطني يتم تخليد ( السياسي والاقتصادي والأديب ) عبر تسمية الطرقات والشوارع بأسمائهم، ولكن لايُخلد الرياضي معهم أبداً بل يتم تَخليدهُ عبر تسمية أشباه المنشآت الرياضية على طراز (الشبرات) باسم هذا الرياضي (الراحل) والرائع ذات الإنجازات المخلده في عقول البشر! إلى متى هذا التحجيم في تخليد الرياضيين الذين كانوا للجميع دون تمييز! والآن نودعك يابطل يامحبوب هذا الوطن ويافقيده، فقد عِشت سعيدا ورحلت سعيدا من هذه الدنيا وستسعد دائماً مادامت كل هذه الجموع الغفيرة تدعوا لك بالمغفرة والرحمة يا أبا علي... لم نيأس من رحمة الله، وكنا بجوارك في مرحلة الإنعاش والعلاج بعد الحادث الأليم الذي جمع شتات كل محبيك، ولكن إرادة الله فوق إرادة الجميع وقدر الله وماشاء فعل ولا إعتراض على أمر الله وإنا لله وإنا إليه راجعون... وستستمر قصة حياتك ومماتك، لتكون نهجاً لكل من يرغب أن يكون إنساناً زائداً على الدنيا وليس هو زائداً عليها... إلى جنات الخلد ياسمير الكويت. اليوم نلتقيكم في برنامج الجماهير على شاشة تلفزيون الراي في حلقة خاصة لفقيدنا الأخ العزيز المبدع أبا علي (سمير سعيد) مع مجموعة من أقاربه وأصدقائه وزملائه ومحبيه الساعة 9:30م بتوقيت دولة الكويت.
* إعلامي Twitter : @m_joharhayat
|