أربعون يوما وعلي يفتقد حضنك.. أربعون قرنا في حساباته الصغيرة ولا يزال يرقب الباب لعلك تكون القادم بابتسامتك المعهودة وذراعيك الساعيتين لاحتضانه ليعود ملكا لعالم ملؤه الفرح والبهجة، ولتبسط له الدنيا جناح الذل صاغرة تحت قدميه ملبية رغباته، لم يصدق بأنك لن تعود على الرغم من كثرة مقبليه وحاضنيه ومعزيه في اليوم المشؤوم، ولن يقبل كل ما قيل وتردد على مسامعه رغما عنها بأنه الفراق الأبدي، ثقيلة كالجبال الرواسي رتيبة لا تطاق أيامه الطويلة .. يعلل النفس ويهدئ الروح في وحدته وعالمه الذي رسمته ألوان زاهية بلذيذ مناجاتك، ويسأل عينيك متى أراك؟.. هكذا بكل عفوية يخاطبك مكلوم الفؤاد يا حارسه الأمين. فجيعة الابن بأبيه لا تعوض. علي.. يمزقه الحنين شوقا إلى رؤياك بلا دمعة أو أنين ودون أن يبوح إلى الآخرين بما يختلج في صدره الصغير من حزن دفين .. لم يعتد شجي الحديث مع غيرك فأنت سره وسروره، والمصاب الجلل أفقده النطق فكيف بحسن التعبير.. هكذا هم صغار السن أبا علي يعتكفون في عالمهم الملائكي عندما يظنون بأن البحر الجميل قد تبخر، لتبقى زرقته ورائحته العطرة حاضرة في أذهانهم يستحضرونها متى شاؤوا لينعموا بلحظات سلام هادئة تساعدهم على تحمل قسوة الفراق. علي.. أبا علي محاط برعاية خاصة واهتمام بالغ.. علي سيد وأمير على قلوب أحبته كما كان لا ينتابك القلق..أرجوك، فهم لن يخذلوك فيمن تحب كما تعلم يقينا.. لكنهم عاجزون على تنفيذ طلبه وعاجزون عن معرفة ما يدور في مخيلته الواسعة لتخفيف آلامه وعذابات وحدته، تماما كما هم عاجزون عن مقاومة دموعهم آناء الليل وأطراف النهار على فقدك يا كبير. أبا علي .. إن كنت تسأل عن حالنا وأوضاعنا السياسية والرياضية.. فهي للأسف ما لا يسرك سماعه.. نحن أيها الكبير خلقا وعطاء رياضيا وإنسانيا عدنا بعد وداعك المهيب نقتات البغض الأسود خمسة أيام في الأسبوع ونتوقف ليومين لنستعيد النشاط الشيطاني من جديد، نتبادل الحقد بألوانه المقيتة سب وشتم وتحقير، نحن أبا علي على شفير هاوية لا قرار لها إن لم نرتدع أو نردع من حكمائنا فسوف نحرق خيمتنا الوحيدة الكويت، ونسأل الله العلي القدير أن لا يفجعنا بفقدان أحد يشبهك خلقا وسلوكا لكي ندخلها مجددا، لكننا نسأله بذات الوقت أن يعيدنا طائعين إلى خيمتنا سويا أخوة متحابين كما كنا. بالدمع نكتب أبا علي.. لا بالقلم.
|