دائما اللصوص يسرقون تحت ستار الليل، يتلثمون بجوارب نسائية ويصعدون المواسير، او يتلثمون ببشت ويقتحمون الخزائن الحكومية... اما ان تتم السرقة على الهواء مباشرة فلا يحصل هذا، الا في هذا البلد.
امام المسؤولين وكبار رجال الدولة، وامام الشعب الذي ملأ الملعب، وامام الملايين خلف الشاشات، تمت سرقة مباراة كاملة من فريق، وتسليم الكأس الى فريق اخر، انا اتحدث عن مباراة العربي والقادسية في نهائي كأس سمو ولي العهد... القضية ليست مجرد مباراة بل اشمل من ذلك، واخطر، انها لافتة كبيرة موجهة للمواطنين، مكتوب عليها:
نحن نسرقكم امام الكاميرات، لم يعد يهمنا صراخ الجمهور، ولا مقالات الكتاب، ولا تحليل الفضائيات، سنحصل على ما نريد، سواء بالقانون، او باعدام القانون، نحن نسرق الكأس من ايدي الشباب... ومن لا يعجبه فيأخذ اول طائرة ذهابا... ولكن عليه ان يدفع ثمن تذكرته اولا!
نحن نريد ان نزرع في اذهانكم اليأس، نعم انكم يائسون من تنمية حقيقية، ومن وضع سياسي صحي، ومن حالة اقتصادية آمنة، ومن مستشفيات راقية، ومن تربية صالحة... وها نحن نضيف لكم في لائحة يأسكم، الرياضة... ومن لا يعجبه فليشرب من البحر، ولكن عليه ان يدفع اولا، قبل ان يشرب منه!
دائما هناك من يجيد التمثيل معنا، الم تشاهدوا كيف كان مدرب القادسية يقف ويعطي التعليمات، ولاعبو القادسية يركضون وهم فرحون بالهدف... ومن لا يعجبه الفيلم فليرمِ نفسه من برج الكويت... ولكن عليه اولا ان يدفع ثمن دخول البرج!
نعم، الاندية بمن فيها ومن عليها ومن يلعب بها «يشتغلون عندنا»، ومن يقول ان الاندية الرياضية مكان لتربية الناشئة مخطئ، ان الاندية الرياضية في بلادنا خلقت من اجل ان نربي فيها كل امراضنا الطائفية والقبلية، وندرب فيها صغار الفاسدين والجمبازية... ومن لا يعجبه فيأكل «تبن»، ولكن عليه دفع ثمن التبن اولا!
لا يهمنا ان تكون مباراة الامس فضيحة عالمية دولية كونية، فدائما هناك في الصحف والفضائيات يطبلون لنا، هاهم في اليوم الثاني لاموا ادارة العربي واللاعبين وجمهورهم... واعطوا لقب «الزعيم» للقادسية، ... ومن لا يعجبه فليضرب رأسه بجدار بيته... هذا على فرض انه حصل على قسيمته الاسكانية!
في المرة القادمة قد نفكر في اقامة المباريات النهائية في حديقة بيت رئيس الاتحاد «اتحادنا وكيفنا» ونوزع الجوائز والكؤوس «على روحنا»... لا احد له حق عندنا، ومن لا يعجبه فليحرق نفسه بالديزل... ولا يحتاج ان اقول لكم فليدفع ثمن الديزل!
*
تحت ثلوج الشتاء، او غبار الصيف دائما هناك نباتات خضراء تنبت، لان جذورها راسخة... النادي العربي اكبر من ان يكون مجرد نادٍ رياضي يبحث عن كأس وبطولة، انه اكبر من كل انديتكم، واجمل من كل ألوانكم، وارفع من كل بطولاتكم الوهمية، وارسخ من كل زبدكم.
*
القادسية كما العربي اكبر من ان يكون ناديا رياضيا، انهم اساؤوا لتاريخه وجمهوره الرياضي الحقيقي بهذا الفعل الفاضح، لقد دمروا كل ما هو جميل في هذا البلد... والاخضر والاصفر رمزان شعبيان جميلان يريدون تشويههما مثلما شوهوا كل تاريخ هذا البلد..!
جعفر رجب
JJaaffar@hotmail.com
|