اليسار الداخلي
اليمين الداخلي

الاثنين 17 مارس 2014 02:20 صباحاً,

 

كتب : محمد بورسلي (bela.saqf@gmail.com)      المصدر : جريدة الجريدة

المشاهدات : 5520

 
   


تمر الأيام وتتوالى يوماً بعد يوم المفاجآت التي تتحفنا بها إدارة النادي العربي، في إطار تصعيدها المفتوح للمواجهة مع اتحاد الكرة على خلفية أحداث نهائي كأس ولي العهد، حيث تمثلت آخر المفاجآت الغريبة في إعلان أمين سر النادي تحريك دعوى قضائية أمام القضاء الإداري ضد اتحاد الكرة، تضمنت الطعن في عدم شرعية لجنتي الانضباط والاستئناف التابعتين، والدفع بإلغاء العقوبات التي اتخذتها لجنة الانضباط بحق النادي ومسؤوليه، وما ترتب عليها من آثار، علماً بأن إدارة العربي أرسلت في وقت سابق لإجراء التقاضي كتاباً رسمياً إلى لجنة الاستئناف التابعة للاتحاد، اتباعاً لمبدأ التدرج القضائي الذي أقره النظام الأساسي لاتحاد اللعبة، واتخاذ خطوة كهذه يعني، "ضمناً" ووفقاً للأعراف القانونية المستقرة، إقرار واعتراف النادي العربي بشرعية اتحاد الكرة ولجانه التابعة، الشيء الذي يناقض دفع الإدارة العرباوية أمام القضاء في شق "انعدام الشرعية"؟!

عند هذا التناقض الحاد، يتبيّن لنا مدى الضياع الإداري الذي تعيشه الإدارة العرباوية على مختلف الأوجه والصُّعد.

ظللت أبحث عن تفاسير قانونية ومسوغات منطقية تبرر لجوء الإدارة العرباوية إلى القضاء الإداري لحسم الأزمة المستمرة مع الاتحاد، ولم أجد تفسيراً لذلك إلا أن "الجماعة متورطين"، وأنهم يحاولون بشتى الطرق إطالة أمد الأزمة، لكسب الوقت وتعويم المسؤولية، على أمل إيجاد مخرج لائق ينقذهم من الورطة التي وضعوا أنفسهم فيها نتيجة لنوبات الترنّح والتأرجح التي انتابت آلية اتخاذ القرار داخل مجلس إدارة النادي العربي، على وقع تداعيات الصدام مع الاتحاد، مما تسبب في سخط الجماهير العرباوية.

وذهابي إلى تفسير كهذا لا يعني إنكار حق أي طرف كان في اللجوء إلى المحاكم، متى ما وجد نفسه متضرراً من طرف آخر، إنما توصلت إلى هذه الخلاصة بعد مطالعة القواعد القانونية ذات الصلة، التي تقضي بعدم اختصاص القضاء الإداري في نظر الدعوى التي أقامها النادي العربي ضد اتحاد الكرة، وفي السطور القادمة بيان للأسباب، حسب رأيي القانوني بعد المراجعة.

يختص القضاء الإداري، دون غيره من جهات القضاء، في الفصل في كافة المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه، ويتولى الدعاوى والطعون التأديبية، والإفتاء في المسائل القانونية التي يحددها القانون، ومراجعة العقود التي تكون الدولة طرفاً فيها، وينظم القانون الإداري، باعتباره فرعاً من فروع القانون العام الداخلي، نشاط الدولة وسلطاتها العامة، ويحكم العلاقات القانونية التي تكون الدولة، أو إحدى هيئاتها العامة، طرفاً فيها، وتظهر فيها الدولة بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات استثنائية لا مقابل لها في علاقات الأفراد.

نصَّ المرسوم بقانون رقم 26 لسنة 2012 في شأن الهيئات الرياضية حصر دور السلطة العامة "الدولة" على الرقابة المالية (فقط) على الهيئات الرياضية، إذ ألغى المرسوم المذكور المادة (27) من القانون رقم 78/42 والذي يعطي الحكومة ممثلة بالهيئة العامة للشباب والرياضة حق الإشراف والرقابة المالية والإدارية والفنية والتنظيمية على الهيئات الرياضية، ما يعني أن المرسوم المختص ساري النفاذ قد نص صراحة على إخراج الهيئات الرياضية من العباءة الإدارية للدولة وسلطاتها العامة.

كما جاء في المادة (28) من المرسوم بقانون رقم 26 لسنة 2012، والمختصة بتشكيل هيئة تحكيم تابعة للمحكمة الكلية للنظر في المنازعات الرياضية: "تسري على هيئة التحكيم أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية المشار إليه فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون"، وهذا يعني في لغة القانون تحوُّل الهيئات الرياضية من "شخص معنوي عام" يخضع لأحكام القانون العام، إلى "شخص معنوي خاص" يخضع لأحكام القانون الخاص.

على ضوء ما تقدم، لا يمكن اعتبار المُدعى عليه "الاتحاد الكويتي لكرة القدم" في الدعوى قيد النظر مرفقاً عاماً، أو سلطة عامة تتصف تصرفاتها وأعمالها المتعلقة بالصفة الإدارية، ولا يمكن بالتالي اعتبار المنازعات المتعلقة بها منازعات إدارية خاضعة لأحكام القانون الإداري، ويختص بالفصل فيها القضاء الإداري.

على هذا الأساس، لا تتوافر الأركان الموضوعية اللازمة لإقامة "دعوى إلغاء" أمام القضاء الإداري ضد اتحاد الكرة، وبالاستناد إلى الأسانيد القانونية المذكورة سلفاً، وبالتوافق مع السوابق والأحكام التي استقر عليها القضاء الإداري، أتبنّى الرأي القائل بأن المحكمة الإدارية ستقضي بعدم الاختصاص "نوعياً" بنظر الدعوى المرفوعة من الممثل القانوني للنادي العربي الرياضي (بصفته)، وربما تتم إحالة الدعوى إلى المحاكم المدنية، ما يعني مزيداً من التسويف والتأجيل.

ويظل رأيي هذا رأياً قانونياً، يحتمل الخطأ ويحتمل الصواب، ولا سلطان لأحد، أياً كان، على القضاء سوى القانون ومقتضيات العدالة.



قفّال



لا يضير القانون سوء استخدام قواعده




 


التعليقات

لا يوجد تعليقات


إضافة تعليق

 الاسم
 عنوان التعليق
 البريد الالكترونى

 التعليق

 كود التأكيد