كتب - لطفي حنون : لم تدهشني العبرات التي تقطرت من اهداب النجم الخلوق والمبدع محمد جراغ خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده قبل يومين لشرح تفاصيل الازمة المتعقدة مع ناديه العربي بقدر ما يربكني موقف النادي من احد ابنائه في قضية شائكة ومعقدة
تحتمل فكراً أبوياً لا فعلاً تسلطيا لفرض هيبة لا يختلف عليها احد بقدر ما يختلف على آلية فرضها آخرون.
فرغم ادراكي لمعظم تفاصيل الازمة ورغم القناعات بان هناك اخطاء مرتكبة من الطرفين الا انني لا اجد منفذا أعبر من خلاله وأفهم من فضائه كيف يمكن للعربي ان يرى سهولة اتخاذ قرار بايقاف اللاعب لمدة عام على ان يبصر صعوبة قرار الموافقة على اعارته لاحد الاندية لذات المدة؟!
فالتناقض بين الاتجاهين يعني ان هناك سوء ادراك من قبل النادي لتماثل النهاية التي تصل اليها الاحداث في القرارين وهي ان اللاعب سيعلق احذيته لمدة عام ولن يلعب الكرة فعليا. اي انه لن يكون ضمن الكتيبة الخضراء بكل الاحوال.
ان ما يحدث في قضية اللاعب جراغ يجسد المشكلة الام التي يعانيها اللاعبون اساسا في ظل غياب الاحتراف وما يتضمنه من حقوق وواجبات بين اللاعب والنادي لكن ذلك ليس مرادنا في هذا المقام بل ما نراه من اسباب الحقد والعناد والمكابرة في التعامل مع القضية التي تحتاج الى نظرة مختلفة من قبل النادي (بغض النظر ان كان جراغ مخطئا في التصدي والمواجهة معه)، فلا اعتقد ان ادارة النادي غير مدركة للوائح التي تسمح للاعب الذي لم يشترك مع فريقه فعليا لمدة عام الانتقال لاي ناد بالمجان وهذا الادراك يجب ان يشعل فتيل العقل ليضيء دربا جديدا بالتعامل ولا أقول الخضوع (لاننا لا نقبل بخضوع الأندية طالما هي الاساس) يكمن في ان الاندفاع في هذه الأزمة انطلاقا من انانية التفرد والسلطة وتجني الظالم الممسك بزمام الامور ينتهي بخسارة الطرفين النادي واللاعب.
وأن تحكيم العقل والقلب معا في دراسة جوانب القضية مع الاخذ بعين الاعتبار ان من حق اللاعب المبدع ان يستفيد من نجوميته وان على النادي تحمل تلك النجومية دون تنازل عن الحقوق الاساسية التي تضمن له هيبته فان النادي سيصل الى حقيقة واحدة وهي ان الاستغناء عن اللاعب بمقابل مادي لمدة عام خير من ايقاف اللاعب بالمجان ومن ثم فقدانه بعد عام، هكذا الامر ببساطة ولا يحتاج الى تعقيدات.
ان الامر لا يحتاج الى معاندة واستكبار ولا لغلبة القلب على العقل والعكس صحيح في هذا السياق. ان مايحتاجه العربي هو منح العقل والقلب فرصة للاندماج معا للخروج بقرار لايضر بمصالح اي منهما ويبقى الود بين الطرفين لان ماحصل ان جراغ ابن بار ساقته الاقدار ليصبح نجما اغوته عروض الاحتراف وان على النادي تقبل ذلك الوضع في كل وقت وزمان لانها سنة المستديرة التي يكبر فيها اللاعب وعلى الاب «النادي» ان يكون مستعدا للمسايرة والمهادنة وذلك ليس تقاعسا او تفريطا وانما تماشيا مع واقع الحياة ومتطلبات الانتقال من عالم الهواية الى الاحتراف.
من المشين هنا الا يكون هناك تناغم والتقاء فيما هو حق وواجب بين الطرفين فليس للاعب ذنب ان كان هدفا دائما للأندية الأخرى في مقابل ان النادي ملام لو لم يتعامل مع هذا الوضع على أنه قاعدة وليس استثناء بل ان الاستثناءان يفكر النادي في ان اللاعب يساوم من أجل كسر انف النادي.
لاشك ان العربي سيغضب كثيرا بعد ان يقرأ ما ذكره جراغ وكذلك سيكون هناك مؤيدون لما طرحه اللاعب الا أنه وبغض النظر عمن يتفق أويختلف فان ما بين فعل النادي ورد فعل اللاعب عبرا يؤخذ فيها ومفاهيم يعمل بها يمكن ان تؤطر العلاقة بين اللاعب «اي لاعب» والنادي «اي ناد» في المستقبل أهمها ان اللاعب النجم يستحق ان يتمتع بنجوميته وان على الاندية ان تسارع في تفعيل العقلية الاحترافية قبل ان يدهسها قطار الاحتراف بما يحمله من قوانين ومواد تجعل من العناد والمكابرة رمادا يجلس عليه المتباكون على الاطلال.
الوطن
|